فضيحة تعيينات هيئة الكهرباء تثير جدلاً سياسياً وإتهامات خطيرة لبنشماش والمالكي
يواجه رئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين في المغرب انتقادات لاذعة بعد اقتراحهما تعيين ثلاثة أشخاص ينتمون إلى حزبيهما، من أجل عضوية الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء وهي خطوة اعتبرتها أحزاب سياسية فضيحة، لكون التعيينات تخول لمقربيهما تعويضات شهرية تصل إلى 80 ألف درهم على كافة أعمالهم.
ووصف المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المعارض هذه التعيينات بـ”فضيحة حقيقية”، معتبرا وصول كل من رئيسي المجلسين إلى تعيين أصدقاء لهما في هيئات لها أدوار تتعلق بالحكامة دون استشارة الأحزاب الوطنية ولا مكاتب المجلسين ولا رؤساء الفرق، يشكل قمة الاستهتار بالمؤسسات.
وأكد حزب التقدم والاشتراكية، أن هذه الخطوة تمت من دون أي استشارة لا للأحزاب السياسية، ولا لمكتبي مجلسي البرلمان، ولا لرؤساء الفرق البرلمانية، معتبرا أن هذا السلوك يشكل إساءةً صارخةً وخرقًا سافرا للأخلاق السياسية والممارسات المؤسساتية السليمة.
وبدوره أكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أنه رغم أن التعيين في هذه المؤسسة يدخل ضمن صلاحيات الحكومة ويعتبر من صميم اختصاصاتها، إلا أننا نسائل الحكومة حول الشفافية واعتماد هذا التعيين على منطق الريع والترضيات الحزبية وفق شعار “اعطيني نعطيك”.
ويتألف مجلس هيئة ضبط الكهرباء، من الرئيس وثلاثة أعضاء يعينون بمرسوم، وثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب، وثلاثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين.
وهذه التعيينات بالهيئة المذكورة، همت ثلاثة مناصب بمجلس النواب خصصها الرئيس لحبيب المالكي لحزبه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بينما عين رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماس، في المناصب الثلاثة المخصصة للمجلس أعضاء من حزبه.
وأوضح الغلوسي، أن المطلع على لائحة التعيينات سيجد أن 6 أعضاء تم تعيينهم من حزبين وهما الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، كما أن بعض الأعضاء لا علاقة لهم بمجال التعيين ولا يتوفرون على الشروط والمعايير المطلوبة قانونا.
وفي هذا الصدد، اعتبر عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن هذه التعيينات لا تعكس منطق المشرع الذي أعطى للرئيسين بصفتهما المؤسساتية، وليس الحزبية، حق تعيين أعضاء في الهيئة، وأن تصرف الرئيسين يمس بالديمقراطية.
وبعد شجبه المنطق الذي تحكم في هذه التعيينات وصف حزب التقدم والاشتراكية هذه التعيينات بـ”إساءةً صارخةً وخرقًا سافرا للأخلاق السياسية و الممارسات المؤسساتية السليمة وللمساطر المعمول بها”.
ومن جهته، أكد مصطفى الإبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن هذه التعيينات أثارت استياء كبيرا داخل عدد من مكونات المجلس مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها مجلس النواب للتعيين في مؤسسة دون استشارة مؤسسات المجلس.
وتصاعدت حدة النقاش بشأن هذه التعيينات بين من ألقى باللائمة على الحكومة التي تقودها العدالة والتنمية، ومنهم المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي، الذي تساءل كيف لحكومة ترفع شعار التقشف وترى وتسمع عن تسريح مئات الآلاف من العاملين وتوقف حركة الاقتصاد، ويصدر رئيسها في زمن الأزمة والوباء مرسوما بتعيين أعضاء هيئة عادية لم ينص عليها الدستور، كلهم من حزبين مقابل تعويضات شهرية مهمة.
وفي هذا الاطار أكد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الأمر يفرض ضرورة مراجعة سياسات مؤسسات الحكامة من أجل أن تلعب دورها الحقيقي في تخليق الحياة العامة والتصدي للرشوة والفساد والاحتكار، مع توسيع صلاحياتها ومهامها وضمان استقلاليتها الفعلية وأن تشمل في عضويتها خبرات وطاقات وكفاءات وطنية مستقلة من مختلف التخصصات.
وحاولت مصادر الاتصال بالأسماء المعينة للتعليق على الضجة التي خلقها تواجدهم في هذه الهيئة، لكنهم رفضوا الإدلاء بأي تصريح حول الموضوع. ويرى مراقبون أن التعيينات الحزبية لن يكون لها أي إضافة حقيقية في حماية المال العام إذا كان الهدف هو الترضيات السياسية، ما يكرس السلوكات المقوضة لدولة القانون وحماية المصالح الخاصة والتطبيع مع الريع السياسي.
ويتقاضى أعضاء مجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء ولجنة فض النزاعات تعويضا حددته الحكومة بـ70 ألف درهم شهريا، إلى جانب تعويضات عن كل اجتماع وذلك في حدود 4 اجتماعات في الشهر مهما كان عدد الاجتماعات المنعقدة.
وسيرتكز عمل الهيئة أساسا على تطبيق مقتضيات القانون المتعلق بضبط قطاع الكهرباء وإحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء من أجل مواكبة التحولات العميقة التي عرفها قطاع الطاقات المتجددة، للرفع من جاذبيته وتعزيز ثقة المانحين والمستثمرين والفاعلين الصناعيين.
وإلى جانب ضمان المنافسة والشفافية في القطاع الوطني للكهرباء، وتسهيل اندماج المغرب داخل السوق الطاقي الأورو-المتوسطي للكهرباء، ستعمل الهيئة على تحديد تعريفة استعمال الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل وتعريفات استعمال الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط.
ويحصل الأعضاء على تعويض شهري خام بقيمة62 ألف و 610درهم وتعويض عن كل اجتماع ب5714.23 درهم و 700درهم للتنقل اليومي، وألفين درهم للتنقل في مأموريات بالخارج .
منبربريس