حكم قضائي يبطل محضر الشرطة بسبب خرقه للحق في سرية الاتصالات

حكم قضائي يبطل محضر الشرطة بسبب خرقه للحق في سرية الاتصالات

خلف الحكم القضائي الصادرعن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة الصادر بتاريخ 18\6\2020 في الملف الجنحي عدد 569\2103\2020، والقاضي بإبطال محضر الشرطة القضائية المتعلق بالاستماع إلى أحد المتهمين بالنظر إلى عدم استيفائه الشكليات القانونية المنصوص عليها في المادة24 من قانون المسطرة الجنائية ، (خلف ) العديد من ردود الأفعال المتباينة بين قضاة ومحاميين وعناصر الضابطة القضائية التابعيين لكل من المديرية العامة للأمن الوطني وجهاز الدرك الملكي، معيدا للواجهة فتح باب النقاش حول القرارات القضائية القاضية إبطالالمحاضر القضائية .

قرار المحكمة جاء بناءا على عدم مشروعية اطلاع ضابط الشرطة القضائية على الاتصالات الشخصية للمتهم بدون أمر قضائي، واستعمالها ضده، معتبرة ذلك خرقا للحق في سرية الاتصالات المنصوص عليه في الفصل 24 من الدستور، وبالتالي عدم جواز الاعتداد بها كدليل جنائي لعدم مشروعية تحصيلها.

المحكمة كشفت في منطوق حكمها، أنه وفي محضر خاص بأحد المتهمين، أظهر أنه وفي لحظة إيقاف المتهم ورد على رقم ندائي اتصالاً هاتفياً من رقم النداء، المسجل بقائمة اتصالات هاتفه تحمل اسمل (FAHD)، فأجاب عن هذا الاتصال ضابط الشرطة محرر المحضر، فطالبه مخاطبا المتهم بما يلي :”أنا كنتسناك فالدويرة …جيب لي كاين“،كما تم فحص هاتف المتهم من طرف نفس الجهة فعثر على رسالة نصية تم الاطلاع عليها …

المحكمة بررت حكمها أنه :”وإن كان مضمون هذه الاتصالات غير كاف لإثبات ارتكاب فعل الاتجار في المخدرات من جانب المتهم، فإن تحصيلها جاء مخالفاً لمبدأ :”المشروعية الدستورية“وذلك أنه تم خرقا لسرية الاتصالات الشخصية المكفولة دستوريا للمتهم شأنه في ذلكشأن كل المواطنين وهي الاتصالات التي لا يمكن الترخيص بالاطلاع عليها أو باستعمالها ضد أي شخص إلا بأمر قضائي سواء كان هذا الأمر صادرا عن النيابة العامة أو قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، تطبيقا للفقرة الثالثة من الفصل 24 من الدستور“ .

واسترسلت المحكمة في تعليلها :”أنه ونزولاً عند هذا المقتضى الدستوري، وأمام خلو الملف من أي أمر قضائي يخول لضابط الشرطة القضائية الاطلاع على الاتصالات الشخصية للمتهم، فإن مشروعية مضمونها كدليل جنائي أضحت منتفية، ويتعين على المحكمة عدمالاعتداد بها عند تكوين قناعتها واستبعادها عن ذلك حماية وصونا للحق الدستوري في ضمان سرية الاتصالات الشخصية“.

رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أكد أن القضاء هو حامي الحقوق والحريات وهو الذي يعيد الحقوق إلى من انتهكت عليهم ويردع ويعاقب من انتهك تلك الحقوق، مسترسلاً بأن حكم ابتدائية القنيطرة أظهر حرص القاضي المغربي، على التفاعل الإيجابي مع المكتسبات الدستورية، وإعطاء الحماية اللازمة لسرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها، ولا يمكن الترخيص بالإطلاع على مضمونها أونشرها، كلا أو بعضا، إلا بأمر قضائي.

وأضاف ذات المتحدث ، أنه ولكون حرية المراسلات من الحريات الأساسية و تم التنصيص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 24 من الباب الخاص بالحريات والحقوق، والذي نص بالقول : ”لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكنالترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون“. تورد جريدة ”هبة بريس“ الإلكترونية

واسترسل لزرق أنه ولكون الاتصالات الشخصية وعدم جواز انتهاك سريتها، كأصل لا يمكن اختراقه إلا بترخيص قضائي وفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون، لكونها تدخل ضمن حرمة الإنسان التي لا يمكن الترخيص بالإطلاع على مضمونها أو نشرها ، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان.

وختم رشيد لزرق مؤكداّ على أن هذا الحكم هو تعزيز لإجراءات المحاكمة العادلة، وتعزيز المراقبة على عمل .الشرطة القضائية

من جانبه أوضح الأستاذ محمد الشمسي محام بهيئة المحامين بالدارالبيضاء، أن الحكم الابتدائي المذكور سابقة في العمل القضائي تنم عن قدر كبير من الجرأة والشجاعة من هيئة المحكمة طبقا للقانون، مضيفاً بالقول :”فلئن كان خرق المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية قد استنتج المحكمة من قناعتها، والملاحظ أن المحكمة لم تخلص إلى بطلان المحضر الذي يخص تصريح أحد المتهمين بعد ثبوت الخرق لديها كواقعة مادية بل إن المحكمة استنتجته من خلال وجدانها وسلطتها التي منحها لها القانون، وهو ما يجعل من قرار المحكمة في التشكيك في شكلية المحضر المعني وبطلانه واستبعاده هو إدانة الضابط محرر المحضر الذي يتعين عليه تحمل تبعات عدم إنجاز المحاضر طبقا للقانون“.

واسترسل نفس المتحدث في تصريح له، أن استدلال ذات المحكمة بمقتضيات الفصل 24 من الدستور لإبطال إجراء مسطري خاضع لقانون المسطرة الجنائية يشكل سابقة غير مسبوقة تصب في اتجاه تحصين الحقوق والحريات.

وختم ذات المتحدث بالإشارة إلى أن الحكم القضائي المذكور هو فقط حكم ابتدائي، وبالتالي فإن محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة درجة ثانية ستخضعه لرقابتها، مشدداً على أنه من السابق لأوانه الاعتقاد القطعي بمنطوقه، ما لم تخضعه محكمة الدرجة الثانية لتعديل قد يلغي كل ما خلص إليه الحكم من جهة وقد يؤيده وقد يعدله، وعموما لابد من انتظار موقف محكمة الاستئناف.

منبربريس

منبربريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *