مرضى “كورونا” يشكون غياب الأطباء وآلات التنفس الاصطناعي والبرتوكول العلاجي
لا تنتهي نداءاتُ “الاستغاثة” من مواطنين مغاربة مصابين بـ”كوفيد-19″ من داخلِ غُرفِ “العلاجِ”، حيثُ يعاني “حاملو الفيروس” من غياب الطّاقم الطّبي والتّمريضي بشكلٍ كلّي في بعضِ المستشفيات المتخصّصة في استقبال مرضى كورونا، بالإضافة إلى أنّ بعضهم لم يستفد من البرتوكول العلاجي الذي توصي به السّلطات لمواجهة الفيروس.
في المستشفى الإقليمي بتازة، يزدادُ الوضع سوء في ظلّ تذمّر مصابين بـ”كوفيد-19″ من داخل غرف الاستشفاءِ، حيث يعانون من غياب الطّاقم الطّبي والتّمريضي بشكلٍ كليّ، كما أنّ الكثير منهم، ممن هم في وضعية مرضية متقدّمة، لم يوضعوا على أجهزة التّنفس الاصطناعي، فيما بعضهم غير قادر على استعمال الآليات مثل قنينات الأوكسجين.
بعد فضيحة مستشفى مراكش، يعيش مرضى كورونا بمستشفى ابن باجة بتازة أوضاعا صحية مزرية، في ظل غياب العناية اللازمة، والإهمال الذي يطالهم، ما دفع عددا منهم إلى الامتناع عن الطعام، والاحتجاج على غياب الأطر الصحية، وتركهم أمام مصير مجهول.
ويستدعي الوضع الظاهر التدخل العاجل لوزارة الصحة، فحسب مقاطع فيديو صورها المرضى بالمستشفى فالأوضاع التي يعيشونها صعبة والأبواب موصدة في وجههم، دون وجود أي طرف للتواصل في الجهة المقابلة.
ويؤكد المرضى أن الأطباء لا يزورونهم، ومنهم من انتهى دواؤه دون تجديده، ومنهم من يعاني صعوبات في التنفس، ولا يجد مساعدة سوى من المرضى الآخرين، الذين يتبادلون فيما بينهم أنبوب الأكسجين، ما يسائل الوزارة الوصية عن أسباب ارتفاع الوفيات، وما إذا كان للإهمال ونقص المعدات دور في ذلك.
ونقلت الفيديوهات من داخل المستشفى، احتجاجات للمرضى رغم وضعهم الصحي على الإهمال، ومطالبتهم بتوفير الأطر الصحية للسهر على سلامتهم والعناية بهم، بلغت حد نقل شكواهم للمارة في الشارع، من سطح المستشفى، مع المطالبة بالسماح لهم بالعودة للموت في منازلهم عوض الموت في المستشفى.
من جهة أخرى أوضح مرضى بمستشفى ابن باجة بتازة، أنه يتم تسريحهم دون إجراء التحاليل للتأكد من خلوهم من الفيروس، وما إذا كانوا لا يزالون معدين للآخرين، وخلقت هذه المقاطع غضبا وسخطا في أوساط النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي، وتعالت الدعوات من أجل التدخل العاجل لإنقاذ هؤلاء المرضى والعناية بهم، وعدم تركهم في مواجهة العذاب والموت.
وفي الوقت الذي سارعت فيه إدارة المستشفى إلى لتبرير ذلك بالخصاص المهول في الموارد البشرية الصحية الطبية منها والتمريضية، وتأكيد أن “كل المجهودات مبذولة من طرف كل العاملين، للسهر على راحة المرضى مع توفير كل الوسائل المتاحة”، تباينت مواقف الناشطين بتازة بشأن الفيديو.
وكتب أحد المواطنين على حسابه الشخصي في “فيسبوك”: “إذا كانت الفيديوهات صحيحة وما تتضمنه من وقائع صحيحة كذلك، فالأمر مقلق جداً ويستحق فتح تحقيق عاجل جاد ومسؤول”، وتابع “إن الأمر يدعو إلى القلق، لأنه ينسف الجهود الكبيرة التي تبذلها الطواقم الطبية والتمريضية في المستشفى الإقليمي ابن باجة، ويشوّه سمعتها ويجعل المواطن لا يثق بهذه المؤسسة.”
وكتب آخر تعليقاً على شريط فيديو “في الوقت الراهن لا نطالب إلا بحسن معاملة المصابين بكورونا داخل المستشفى، “سنموت من الرعب ونحن نرى المحنة والعذاب الذي يعيشه المرضى. الزموا بيوتكم”.
هذا وتطالب ساكنة تازة وزير الصحة بزيارة مستشفى ابن باجة وفتح تحقيق حول وضعية مرض كورونا، خصوصا بعد تداول هذه الأشرطة التي تبين الحالة الكارثية للمرضى.
وانتقدَ حقوقيون ما وصل إليه الوضع في مستشفى تازة الذي يستقبلُ عشرات المصابين بـ”كوفيد-19″ بشكلٍ يوميّ، بعد تفجّر الوباء في المدينة، مما يعرضهم إلى تفاقم وضعيتهم، وربّما فقدانِ حياتهم، في الوقتِ الذي يمكن إنقاذهم من خلال تدابير طبية استعجالية لتفادي الأسوأ.
وطالبَ المركز المغربي لحقوق الإنسان الذي دخل على خطّ قضية “مستشفى تازة” بفتح تحقيق في “اختفاء الطاقم الطبي والتمريضي من بعض المستشفيات، مما اضطر بعض المرضى مساعدة مرضى آخرين دون تعقيم ودون اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة”، داعياً إلى “العمل عاجلا على حل معضلة النقص الحاد في الطاقم الطبي والتمريضي في عدد من المستشفيات، كما هو الشأن بالنسبة لمستشفى ابن طفيل بمراكش”.
وبخصوص مستشفى ابن طفيل بمراكش يشهد اكتظاظاً متواصلاً على الرّغم من زيارة وزير الصّحة إلى بعض مرافقه، ومازالت معالم الاستهتار والفوضى بادية داخل هذا المستشفى، مما يعرض حياة المصابين بالفيروس إلى الخطر.
ودعا المركز الحقوقي إلى “تعزيز الوسائل والإمكانيات بالمؤسسات الاستشفائية، بما يمكن من قيامها بواجبها في ظل جائحة كورونا، بدل ترك الحابل على النابل، فأرواح المواطنين ليست رخيصة إلى هذه الدرجة التي يزج بهم داخل بنايات، بين الجدران وعلى الممرات، في وضع أشبه بالاحتجاز القسري، دون مواكبة طبية أو صحية”.
ويتساءل حقوقيون عن أسباب “عدم اعتماد البروتوكول العلاجي المنزلي، مادام الوضع في المستشفيات غير مريح، إسوة بالعديد من الدول.
وطالب المركز الحقوقي ذاته بتكثيف مراقبة ومواكبة عمل المؤسسات الاستشفائية، لتأمين النجاعة اللازمة، تفاديا لإزهاق أرواح أبرياء كان ممكنا إنقاذها من خلال بروتوكول تطبيبي من لدن الأطقم الطبية والتمريضية، وكذلك من خلال التزام الأطقم الإدارية المسيرة للمؤسسات الاستشفائية.
منبربريس